حذّر فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، في مقاله المنشور في الجارديان بتاريخ 20 يونيو 2025، من خطر انزلاق العالم إلى حرب غير قانونية وكارثية في الشرق الأوسط، بعد تصعيد إسرائيل هجماتها على إيران بدعم من دونالد ترامب. شبّه جرجس الوضع الراهن بغزو العراق عام 2003، واعتبر أن تدخلًا عسكريًا أمريكيًا جديدًا لن يكون مشروعًا، بل "حرب اختيار لا ضرورة".

 

خرق واضح للقانون الدولي

اعتبر الكاتب أن أي تدخل عسكري أمريكي سيشكّل خرقًا مباشرًا للقانون الدولي، خاصة في ظل المادة 56 من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المنشآت النووية بسبب خطر التلوث الإشعاعي. ورأى أن الولايات المتحدة، التي يفترض أنها حارسة النظام الدولي، أصبحت من بين أبرز من ينتهكه.

أشار جرجس إلى اصطفاف ترامب الكامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودعمه المعلن للهجمات على إيران، بل ومطالبته بـ"الاستسلام غير المشروط" لطهران، وتلميحه إلى إمكانية توجيه ضربات عسكرية مباشرة لمنشآتها النووية.

 

الرواية الإسرائيلية تناقض التقارير الاستخباراتية

وصف الكاتب الرواية الإسرائيلية حول قرب إيران من تصنيع قنبلة نووية بأنها "ادعاء لا يستند إلى دليل"، ويتعارض مع تقييمات الاستخبارات الأمريكية، التي أكدت أن إيران لا تطوّر سلاحًا نوويًا، وأنها على بعد ثلاث سنوات على الأقل من امتلاك القدرة اللازمة. كما أكّدت مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، أن البرنامج النووي الإيراني متوقف منذ عام 2003، وأن المرشد الأعلى لم يوافق على أي تطوير عسكري.

أمّا ترامب، فرَفَض تلك التقديرات بفظاظة قائلاً: "لا يهمني ما قالته... أعتقد أنهم كانوا قريبين جدًا." موقفه هذا يتعارض أيضًا مع ما صرّح به المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الذي قال في 17 يونيو إنه لا يوجد "دليل على سعي إيران لتطوير سلاح نووي".

 

خطر حرب إقليمية شاملة

رأى جرجس أن أي تدخل عسكري أمريكي قد يشعل حربًا إقليمية يصعب احتواؤها. أشار إلى تهديدات طهران باستهداف القواعد الأمريكية في العراق والخليج، واحتمال لجوئها إلى إغلاق مضيق هرمز، ما قد يؤثر على أسواق الطاقة العالمية، ويؤدي إلى موجة تضخمية وتراجع في ثقة الأسواق بالدولار، وربما ركود تضخمي في الاقتصاد الأمريكي.

ذكّر الكاتب بما فعله الحوثيون، رغم ضعف قدراتهم مقارنة بإيران، حين ألحقوا أضرارًا جسيمة بالملاحة في البحر الأحمر. ورأى أن إيران، إن انضمت الولايات المتحدة رسميًا للحرب، قد تقوّض التجارة العالمية وتفجّر أسعار النفط.

 

دروس من غزو العراق

استعاد الكاتب أكاذيب غزو العراق عام 2003، حيث روّجت إدارة جورج بوش لوجود "أسلحة دمار شامل" رغم علمها بعدم وجودها. وأشار إلى دعم نتنياهو آنذاك للغزو، وتقديمه شهادات مضلّلة أمام الكونجرس الأمريكي.

سخر جرجس من تناقض ترامب، الذي سبق أن وصف غزو العراق بأنه "أسوأ قرار في تاريخ الرئاسة الأمريكية"، وهاجم أكاذيب بوش، ثم عاد الآن ليسير على خطاه ويبرّر حربًا جديدة استنادًا إلى ذرائع مشابهة.

 

خطر تعزيز النظام الإيراني

أكّد جرجس أن الهجوم الإسرائيلي قد يؤدّي إلى نتائج عكسية، من بينها تقوية النظام الإيراني بدلًا من إضعافه، إذ قد يستخدم الهجوم كذريعة للاندفاع نحو تطوير قنبلة نووية فعلية. كما حذّر من أن انجرار رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر وراء هذا المسار قد يكرر الخطأ التاريخي الذي ارتكبه طوني بلير بدخول العراق.

أكّد جرجس أن التدخل العسكري الأمريكي في إيران سيكون ضربة قاصمة للنظام الدولي، وسابقة خطيرة تتيح لدول أخرى شن حروب استباقية بحجج واهية. وشبّه الوضع الحالي بكارثة العراق، محذرًا من عواقب قد تفوقها دمارًا. ودعا إلى وقف ترامب ونتنياهو قبل إشعال الشرق الأوسط مجددًا.
 

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/jun/20/middle-east-trump-stopped-war-uk-us-iraq